معركة هود شيكة :
اعداد عوادى عمار
تعتبر معركة هود شيكة من ابرز المعارك وأشرسها في تاريخ وادي سوف الثوري، وقد جرت هذه المعركة في واحة من النخيل امتلكه احد المعمرين الايطاليين واسمه شيكة ، وقد اشتغل شيكة مديرا في برج الدخان بقمار وكذلك كاتبا في إحدى شركات النقل الفرنسية بالوادي، وامتلك هذا الهود الذي فاق عدد نخيله المأتي نخلة تم انجازها وزراعتها تطوعا من اهل البلدة وتقربا لشيكة الذي استغل ضعفهم في قضاء مصالحهم من الإدارة الفرنسية.
وجرت أحداث هذه المعركة بعد طلب "البشير شيحاني" قائد الولاية الأولى من المجاهدين التطوع للذهاب ناحية وادي سوف قصد تزويد الثورة بالسلاح وكذلك لخوض معارك ومجابهة المستعمر الفرنسي إن تطلب الأمر، وكانت هذه المهمة صعبة نظرا لان شهر أوت هو أكثر شهور السنة حرارة، وكذلك لان منطقة واد سوف خالية من الشجر والحجر وبها قلة من الآبار مما يشكل الخوض في هذا الأمر نوعا من الانتحار خاصة وان العدو يملك الطائرات التي بإمكانها أن تكتشف المجاهدين بسهولة ويملك ايضا مساندة القومية ومقتفي الأثر (عرافة الجرة).
إن الهدف الأساسي من هذه المهمة هو جمع السلاح لان القيادة في الاوراس كانت تخبا السلاح في مخبأ عند "اعدوكة بلقاسم" بالوادي، والثاني في الرقيبة عند "البشير جاب بالله".
لقد كان التطوع برفع الأيدي ووصل عدد المجاهدين المسبلين لهذه المهمة اثنان وأربعون مجاهدا، انطلقوا من اعكيكة واتجهوا ناحية نقرين وفي هذه المنطقة اشتبكوا مع قوات العدو وضربوا ثكنة نقرين، ثم اتجهوا الى بئر بوطينة وواصلوا سيرهم الى الدبدابة ووصلوا الى الجديدة بمنطقة قمار في صباح يوم الاثنين 08/ أوت /1955م ونزلوا في غوط " رحومة خليفة بن مبارك"، وفي المساء توجهت دوريتان من المجاهدين في اتجاهين مختلفين الأولى اتجهت شرقا ناحية جديدة المقرن والأخرى توجهت غربا الى قمار، وغنمت إحدى الدوريتين بعض الأسلحة والتي تتمثل في اثنتي عشرة بندقية وألف خرطوشة وستمائة ألف فرنك قديم.
والجدير بالذكر أن السلطات الفرنسية علمت بوجودهم بعد الوشاية من احد الرعاة وأصبح الثوار منذ لحظة وصولهم ملاحقين، حيث باتوا ليلتهم في هود "رحومة خليفة بن مبارك" وكانوا على أتم الاستعداد لمواجهة العدو رغم قلة السلاح وقدمه ايضا.
وفي صباح يوم 09/ أوت / 1955م رأى الثوار تقدم القوات الفرنسية من الجهة الشرقية على متن سيارة الجيب التي كانت تحت قيادة بعض الفرنسيين وبرفقة جنود القومية، فقام الثوار بضرب هذه السيارة فقتل فرنسيان واثنان من جنود القومية وهرب الباقون، وتذكر بعض المصادر أن حصيلة القتلى من جانب الفرنسيين والقومية أكثر من هذا كما أن سلاح هؤلاء القتلى كان أول غنيمة للثوار من العدو، وقد استشهد واحد فقط من جانب الثوار.
بعد هذا الاشتباك مباشرة وصلت القوات الفرنسية من الجهة الغربية من مطار قمار (الوادي)، فلما رآهم القائد محمد الأخضر أمر المجاهدين بعدم ضربهم ثم أرسل بعض المجاهدين باتجاه الغرب لكي يواجهوا قوات العدو عند محاولة العودة، فقد أخذت القوات الفرنسية رفقة جنود القومية في التقدم حيث كان عددهم حوالي 25 فردا أو أكثر بقليل، وحينما وصلوا الى الساباط القريب من هود شيكة قام الثوار برميهم بالرصاص فدخلوا الى الساباط واختبئوا فيه فتقدم الثوار ناحية الساباط فقام القائد الفرنسي بضرب احد الثوار فأصابه فرد علية محمد الأخضر فقتله، وفي هذه اللحظة استسلم كل أفراد القومية والفرنسيين وخرجوا من الساباط وأيديهم فوق رؤوسهم وكانوا حوالي 14 شخصا قتلوا ذبحا لان الرصاص اغلي من أن يسكن في أجسادهم النتنة، والجدير بالذكر أن الثوار قتلوا حوالي 11 فردا من قوات العدو قبل وصولهم الى الساباط .
تأكد الثوار بان المعركة مازالت متواصلة وان الإمداد الفرنسي سيكون وفيرا وبذلك يجب أن يجدوا مكان أكثر حصانة لمواجهة العدو فاقترح عليهم احد المجاهدين وهو "ابراهيم رحومة" أن يذهبوا الى هود شيكة الذي يشكل ثروة من النخيل فاقت المأتي نخلة مما يوفر الظل من جهة والأمان الأكثر من جهة أخرى لان الرؤية تكون صعبة بالنسبة للطيارين الفرنسيين.
اتجه المجاهدون الى هود شيكة وتمركز بعض المجاهين بالغوط المجاور لهود شيكة لمواجهة العدو القادم من الجهة الغربية ، وجاءت القوات الفرنسية من عدة جهات من الدبيلة ومن مطار قمار وكذلك من الوادي وقام العدو بضرب الثوار مستعملا كل أنواع الأسلحة وأبرزه كان سلاح الطيران الذي قنبل مواقع الثوار حتى حلول الظلام وتكبد العدو خسائر معتبرة في الأرواح مما جعل الثوار يحققوا نصرا تاريخيا في هذه المرحلة من المعركة التي استشهد فيها حوالي 6 من الثوار وجرح حوالي 11 شخصا، أما خسائر العدو فقد فاقت 500 قتيل وكانت هذه العمليات الفرنسية تحت قيادة " باطايون".
ثم توجه المجاهدون الى لضاية التي تبعد حوالي 8 كلم شمال شرق هود شيكة حيث نزلوا ضيوفا عند " نصر بن حمودة " وتناولوا الطعام عنده، كما استقبلهم الحاج بحري باسم النزلة كلها وبقوا هناك الى الصباح.
وفي الصباح استيقظوا فوجدو الطائرات تحوم فوق رؤوسهم، وهذا دلالة على العملاء والخونة الذين كانوا ألد أعداء الثوار حيث كانوا سببا في التبليغ عن أخبار المجاهدين الى العدو، وقد قامت قوات العدو المتمثلة في العديد من الطائرات بضرب الثوار بالسلاح الرشاش وكذلك بالقنابل وأمام هذا سقط كل المجاهدين واحدا تلو الآخر حتى جاء دور محمد الأخضر الذي سقط في ميدان الشرف مخضبا بدمائه الطاهرة بعد أن لقن العدو درسا في الشجاعة والشهامة، ولكون القوى غير متكافئة فقد واجه المدافع والطائرات بأسلحة بسيطة وقديمة ورغم كل هذا كبد العدو خسائر فادحة في الأرواح والطائرات، أما الثوار فقد استشهد منهم حوالي 25 شهيدا سبلوا أنفسهم ونذروا حياتهم لله وللوطن واحتضنتهم الثورة لأن الثورة كما يقال تأكل رجالها
شهداء المعركة :
حمى الأخضر أعمارة(قائد المعركة)- بوغزالة العربي - بلالة العربي - بن ناصر امبارك - شعباني بشير- مقداد جدي - سعيدان الربعي - قبايلي علالي - اعبيد محمد - العربي الأغواطي(النايلي) - سكيو فرحات - قفاف محمد – فقيري لمام - غني احمد - اعبيد اعبيد – خويمس مصباح - شقور مبروك - منصر عبد الرزاق - ذوادي العيد - - ذاودي احمد - عثماني محمد الصالح - محمد السايح عبد المالك - كشحة محمد - نوار محمد - احمد عثماني.
الناجون من المعركة :
قريد عبد المالك.
داسي محمد بن الساسي.