‫محمد الأمين العمودي

‫محمد الأمين العمودي
ولد سنة 1890م بوادي سوف، بدا تعليمه الأول بمسقط رأسه حيث تعلم الكتاب وبالمكتب الفرنسي الابتدائي، واخذ العلم أيضا على يدي عمه الشيخ عبد الرحمن العمودي، العالم المتصوف الذي عرف بتفسير القران وتتلمذ على يده العديد من علماء المنطقة منهم : الطاهر العبيدي وكذلك إبراهيم بن عامر.
وفي سنة 1906م التحق الأمين العمودي بالمدرسة الفرنسية الإسلامية بقسنطينة حيث كانت تكون القضاة والمترجمين ورجال المحاكم الشرعية وكذلك أعوان الإدارة الأهلية.

عمل الأمين العمودي في عدة وظائف كوكيل شرعي بمدينة بسكرة وفي جمعية الوكلاء بالجزائر العاصمة والتي كان رئيسها، واشتغل أيضا كاتب عدالة ومساعد ترجمان شرعي ، وفي السنوات الأولى لتأسيس جمعية العلماء المسلمين اشتغل أمين عام لها، وكان رئيسا لجمعية شباب المؤتمر الإسلامي الجزائري التي أسستها جماعة من الشباب لتحافظ على مبادئ المؤتمر الإسلامي ومن هؤلاء الشباب الفضيل الورتلاني.

أما فيما يخص إعماله في مجال الصحافة فقد اصدر محمد الأمين العمودي "جريدة الدفاع" الصادرة بالفرنسية عام 1934م ، كما اصدر " جريدة الجحيم" الناطقة بالعربية، وله عدة كتابات في جرائد أخرى مثل "النجاح" و" المنتقد " و" الشهاب " بقسنطينة، و"الإقدام" للأمير خالد بالعاصمة،واصدر الأمين العمودي أيضا رفقة الشهيد محمد السعيد الزاهري وكذلك الشاعر محمد عبابسة "جريدة الجحيم" بالعربية.
استشهد محمد الأمين العمودي بعد أن قامت عصابة (اليد الحمراء) باختطافه يوم 10/10/1957م بالجزائر العاصمة، وضربه ضربا قاتلا ورميه في قرية " العجيبة " قرب السكة الحديدية، نقل على إثرها إلى مستشفى البويرة حيث تلقى الإسعافات الأولية التي لم تجدي نفعا ، وجراء كل هذا استشهد الرجل الأسطورة مخلفا سبعة أبناء وهم : احمد، محمد، خالد، كمال، مراد، فتحي، رشيد، وبنت وحيدة اسمها ليلى(حياة).
والجدير بالذكر أن السبب الأساسي في اغتيال الأمين العمودي هو ترجمته للتقرير الذي قدم في ملف القضية الجزائرية للأمم المتحدة عن وحشية الاستعمار الفرنسي وطرقه الجهنمية في التعذيب، التي يستحي الإنسان أن يذكرها نظرا لفظاعة الموقف ، واستعملت هذه الأساليب تجاه الشعب الجزائري، زيادة على هذا فقد ارتكب المستدمر الفرنسي مجازر جماعية وقام بالتصفيات الجسدية لمناضلي جبهة التحرير الوطني، وتقرير الأمين العمودي هذا فضح جرائم المستعمر ومراكز التعذيب وكل الضباط القائمين على هذه العمليات، وبعد انتصار القضية الجزائرية وتسجيلها في دورة الأمم المتحدة الحادي عشرة قامت السلطات الفرنسية بالبحث عن صاحب هذا التقرير المكتوب باللغتين العربية والفرنسية، وقد كتبه الأمين العمودي بعد جمع المعلومات من مناضلي جبهة التحرير الوطني.
وبثت السلطات الفرنسية بعد استشهاد ادعاءات كاذبة حيث قالت بأنه رمى بنفسه من القطار. ودفن الأمين العمودي في أكتوبر 1957م بمقبرة حي"سانتوجان " بالعاصمة.
وللامين العمودي العديد من الكتابات النثرية نذكر منها:

* شـؤون جــزائـــريـة

قضية التعليم العربي الحـر:

قد صدر في شهر أكتوبر الأخير من المحكمة الجنائية بوهران حكم يتعلق بقضية التعليم العربي الحر بالجزائر ، ولهذا الحكم أهمية لا تنكر بودنا لو تقتدي المحاكم الأخرى بمحكمة وهران في جميع المسائل الإسلامية عموما ، وفي مسألة التعليم العربي خصوصا .
ننشر اليوم نص هذا الحكم ونعلق عليه بما يأتي مع الوعد بالكتابة مرة أو مرارا أخرى في هذا الموضوع المعتبر والإدلاء بحجج دامغة قانونية وسياسية على أن الإضطهادات و التضيقات التي يكابدها الآن معلمو اللغة العربية من المكاتب من الظلم التي تمر الأيام و الليالي ولا يوجد لها مبرر .
1/ صرحت المحكمة الوهرانية بأن قانون الدولي المؤرخ بـ 30أكتوبر1886 المنظمة التعليم الابتدائي بالمكاتب الرسمية و الحرة لا يتعلق إلا بالمحلات الحرة التي يتعلم فيها الأوربيون ما يمكنهم تعلمه بالمكاتب الابتدائية وبعبارة أوضح : لا يعد جناية في نظر القانون الدولي المذكور إلا فتح مكاتب حرة يعتبر التعليم الذي ينشر فيه مزاحمة أو مخالفة لبرنامج التعليم الجاري به العمل في المكاتب النظامية الدولية ـ وعندما نعود إلى الكتابة في الموضوع ـ إن شاء الله ـ نبين ما يقصده واضع القانون المذكور ، وقد أصابت المحكمة في الحكم ببراءة المتهمين المستندة على أن التعليم بمركز الإصلاحية عربي بحت ـ والعربية الغير داخلة في برنامج التعليم الرسمي وعلى أن ناشريه غير أوربيين.
2/ لاندجينا المؤرخ بـ15 جويلية 1914 منسوخ بقانون 04 فيفري 1919 ولا يسوغ لقاضي الصلح تطبيقه على كل من هو مقيد بقوائم الانتخاب . وماهو نص الحكم المذكور :
" حيث أن الأمر الصادر من السيد القاضي الاستنطاق بوهران يوم 12 جويلية 1935 يقتضي إحالة المسمين الزاهري محمد السعيد ولد البشير و سعد الهاشمي علي ولد بوشقور على المحكمة الجنائية بتهمة فتح غير قانوني لمكتب حر".
" وحيث أن الواقع يشهد بأن دروس اللغة العربية ألقيت خارج أوقات التعليم بالمكاتب الرسمية وتلقاها بمحل الجمعية الإصلاحية فريق من الأولاد الصغار ومن الكهول ".
" وحيث أن هذا التعليم يزاوله المسلمون خاصة إلا عدد قليلا من الأوروبيين " وحيث أن تهمة الموجهة على الشخصيتين المذكورين تتعلق بفتح وإدارة مكتب حر بغير مرعاه الموجبات المنصوص عليها بالفصلين 37و 38 من القانون الدولي المؤرخ بـ 30أكتوبر 1886 وبالفصلين 49 و 51 من الأمر الدولي بـ 18 أكتوبر 1892:
" وحيث أن التهمة تتعلق في آن واحد بفتح مكتب حر معد للتعليم الابتدائي الخاص بالأوربيين (قانون 30 أكتوبر 1886 وبفتح إدارة مسلم جزائري لمكتب عربي حر بغير رخصة من عامل العمالة) أمر 18 أكتوبر 1892 "
" وحيث أن المتهمين : الأول سعد الهاشمي بصفته رئيس سابق للجمعية الإصلاحية والثاني الزاهري محمد كأستاذ مكلف بالدروس المذكورة ـ أجابا بما مفاده أن الموجبات المنصوص عليها بالقانونين المشار إليهما لا تلزمهما مراعاتها لأن التعليم الذي قام بنشره لم يقصد به سوى فعل الخير ولم يزاوله سوي الكهول من المشتركين في الجمعية والصغار من أبناء أولئك المشتركين ، وأن اجتماع التلاميذ – كبار كانوا أم صغار بهذه الصفة ، ولهذا الغرض لا مقابلة ولا شبه بينه وبين فتح مكتب "
" وحيث في ما يخص تطبيق القانون الدولي المؤرخ بـ 30 أكتوبر 1886 أن عدد الأوربيين الذين حضروا دروس الإصلاحية تافه جدا بحيث لا يسوغ اعتبار بحال ـ وحيث ـ علاوة على ذلك أن اللغة العربية غير داخلة في مواد برنامج التعليم بالمكاتب الابتدائية الرسمية ـ وبناء على ذلك فمن يمعن نظره بإنصاف في نفس التهمة يجدها غير ثابتة ولا مؤسسة على ما قرر في قانون 1886" . وأما ما اعتبره الاتهام مخالفة لأمر الدولي المؤرخ بـ 18 أكتوبر 1892 فليس للمحكمة الجنائية الحق النظر فيه لأن تلك المخالفة من المسائل الداخلية تحت حكم قانون "لانديجينا" كما هو مبين تحت عدد 6 بالجدول الملحق بالقانون الدولي المؤرخ بـ 15 جويلية 1914 ، ولا نظر فيها إلا لقاضي الصلح دون غيره ".
فبتلك الأسباب ومن أجلها :
حكمت المحكمة الجناحية حكما علنيا حضوريا معقبا:
1/ ببراءة سعد الهاشمي علي ولد بوشاقور و الزهري محمد السعيد ولد البشير من تهمة فتح مكتب حر حسب منطوق القانون الدولي المؤرخ بـ 30أكتوبر 1886م وبأن لا عقاب ولا خطيئة من أجل ذلك.
2/ وبأن لا نظير لها في التهمة الناشئة عن مخالفة الفصلين 49و51 من الأمر الدولي المؤرخ بـ 18 أكتوبر إنتهى نص الحكم .
والذي نشير به على إخواننا في كافة أنحاء القطر هو أن يتمسكوا كل التمسك بهذا الحكم الصريح العادل وأن يطالبوا بكل إلحاح الرجوع إليه والعمل به مهما أشكل الأمر واحتدم الخلاف بين الإدارة والقائمين بنشر التعليم العربي في القطر الجزائري العربي المسلم.

كما له ايضا عدة قصائد شعرية، نذكر على سبيل المثال هذه القصيدة:

الطبيعة الساحرة

أشيـــاء حـلَ حــلالهــن حلالـــي نقر الكؤوس ورنّة الخلخال
وصــــدى نشيد العندليب عشيـــة وعزيف مـوسيقى بفخٍّ خـال
وصفيـر شحـرور وهتف حمامــة حنًّت وعنًّت فوق تـل عـال
وصياح حادي العيس يغري عيسه ويسير في بلـــد الفـــلاالآل
وتنزٌّهـي بين الريــاض مصـافحا ريح الصبا ونسائم الآصال
والشمس عند بزوغـها وغروبهـا تبدو برونق بهجــة وجمــال
وتــرنــم العيـدان حــرّك ساكــنا منهـا بنـانٌ خريـدة مِكســـال
شــبه الغزالــــة والثريا ، ربّمــا أجـرمـت أن شبًّهـتها بـغزال
سر الســرور وكــل سـر كامــن في سر نـور جبينها المـتلال
ياعاذلي كـن عاذري مهـلا فلـي في العشق أيام مضت وليـال
لا تكثر التعنيف ورفق بي، فقــد ينبيك عن حالي لسـان الحال
دعني أعاني في الهــوى مانابني إني بغيـر الحـب غيــر مـبال
الحــب فرض أســـتـحـب أداء وأعــدٌّه من الصلـح الأعمــال
لا أشتكـي من حكمــه وقمــا ولا أعصيه في حال من الأحـوال
فــإذا تمــلك بالفــؤاد ولــم يجــر فهو السعـادة أنعمـت بوصـال
وإذا تولـــى بالصبابــة والبــكا و الجور و الإعساف والبلبال
فهــو الـعـذاب والألــم الــــذي طوبى لذائقة وحسن نـــــــوال‬

‫محمد الأمين العمودي 168589_192754224084482_100000497188202_684874_224946_s