مسجد أبى بكر الصديق:
بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى:﴿ ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة توتي أكلها بإذن ربها كل حين ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة﴾.
كما ذكرت في غير هذا الموضوع أن للعمل الخالص لوجه الله والكلمة الصادقة تظهر العجائب، اذكر انّه عندما اتفقت الجماعة على بناء مسجد السلام، الحق أن من بينهم من أراد انجازه بدون مشاركتي لشيء في نفوسهم وكنت يوما ذاهب إلى قمار صحبة "تاتا خليفة" فحكيت له أن من بين الجماعة من يحسدونني وقرروا عدم مشاركتي في مشروع تجديد الجامع القبلي، وقلت له أيضا: والله لا احسدهم حتى ولو بنى أحدهم جامع شرقي الطريق وآخر غربي الطريق، من ماله بل أفرح لذلك، وكانت نتيجة هذه الكلمة الصادقة أن بعد اثنا عشر سنة تتاح لي فرصة أن سلم لي الأخ "العايش السعيد" قطعة أرض لبناء مصلى فيها ولو ليس بمالي ,إنما بمال من يعرفني ومن وهبهم الله لي، حيث لم يشاركني أحد في جمع المال سوى إنني استشرت أخوين في هذا الأمر وذلك لمدى احترمي لهم، وهذه واحده من شبه كرامات الكلمة الصادقة، والتي شاهدتها في حياتي وهي من أسباب إنشاء مسجد "أبي بكر الصديق" بتغزوت .
أولا وصلتني رسالة من "سوفي عمار" يقول لي فيها أن "الصادق بن محمد" قال لي بان هناك جماعة من جيرانك من أهل قمار عازمين على شراء قطعة ارض من ارض 'طريلة '، ليبنوا فيها مسجد ويجب أن نساعدهم ، وكتبت لي "عمار" أيضا أن "الصادق" شجّع الجماعة على المشروع، وأنني مستعد لمساعدتهم، وبعد أيام جاءتني رسالة ثانية من "عمار السوفي" يقول لي فيها أن مشروع الجامع قد تبناه "الحاج كرام" ليبنيه وحده على نفقته شمال الملعب ولهذا لا داعي للمشروع الأول الذي كان من المقرر بناءه جنوب الملعب .
وتمر الأيام والسنين وجاء مشروع "العايش السعيد" لفتح مدخل للجامع العتيق، وطلب من "حمادي الأخضر" لو يعطيهم حوشه يكون فتحة شرقية لمدخل البلدة، و يعطيه عوضا عنها ارض شرقي الطريق العمومي ضمن السكنات الشعبية، فقال له "الأخضر" أوافق شرط أن تبحثوا لي على حوش داخل البلاد يكون قريب إلى الجامع وقريب إلى السوق لأنني مكفوف بصريا، فتفاوض السعيد مع ورثة "زايد بلقاسم" وأعطاهم قطعة ارض بالحي الشعبي وأعطى الحوش إلى "حمادي الأخضر" ليسكن فيه، وفتحت البوابة الشرقية وهذا بعد سنتين من رسالة "عمار".
وفي مناسبة بينما كنا نسهر مع "السعيد" في دار "زعترة الأخضر" ومعنا "ميدة الصادق" وآخرين وأثناء تجاذب أطراف الحديث قلت إلى "السعيد" فاتتني فرصة أنه عندما كنتم تبحثون عن حوش يقبله "الأخضر" قريب إلى الجامع وقريب إلى السوق كان عندي حوش "خالد" ملكي وحدي وهو اقرب إلى الجامع والسوق من حوش "بالقاسم غدوري" ،و كنت سأقبل أن تعطوني قطعة ارض بدلا من هذا الحوش لابني فيها مسجد للحي بقطعة، فسكت "السعيد" دقائق، وقال لي تعطي حوشك من اجل التحصل على قطعة ارض لتبني فيها مسجد للحي ي, قلت له: نعم، إنما للأسف فاتتني هذه الفرصة فقال لي عندها :أنت محظوظ ياحفوظة، فلقد بقيت قطعة واحدة في ذاك الحي وهي الأخيرة ومادمت تنوي بناء مسجد في الحي فهي لك من الآن وبشهادة الجماعة، فشكرته وقال لي: غدا نذهب لتراها فاتفقنا على موعد ورأيناها، وكان حاضر معنا "قمازي سعد" وخرجنا نحن الثلاثة بسيارة "السعيد" لنحدد حدود جامع الشيخ "عبد الكريم قمازي" فبحثنا على "هاني بنعمر" لأنه المكلف بذلك، فلم نجده فقال لنا "السعيد": غدا اتفقوا مع "بنعمر" وهو سيحدد الجامع ففي اليوم الثاني اتصلت"بهاني بنعمر" وصعدنا مع "سعد" وحدد حدود الجامع من الشمال إلى الجنوب 22م،ومن الشرق إلى الغرب 40م.
وكلفت "بنعمر" ليبني أركانه الأربعة على نفقتي فبناهم "بنعمر" وقال لي :هم على نفقتي جزاء الله كل خير، وبدوري في اليوم الثاني ذهبت إلى "العايش السعيد" إلى كوينين حيث كان وقتئذ رئيس لبلدية كوينين، وطلبت منه إعطائي وثيقة لإثبات تلك القطعة فكتبها لي بذلك التاريخ جزاه الله على ذلك المصلى أحسن الجزاء.
وحالفني الحظ فبفضل من الله أن لديا عدد كبير من الأصدقاء في الجزائر، ساعدوني على كل المشاريع التي قمت بها، وجمعت من كل أصدقائي وبنيت جامع "أبى بكر الصديق"، وأصبحت تقام فيه صلاة الجمعة وصلات العيد، وجاء دور محلات الطهارة ودار القرآن فطلبت من رئيس البلدية السيد "عوادي بالقاسم" قطعة ارض فوافقوا وسلموا لي 7م × 19.50م، وبنيت دار القرآن ومحلات الطهارة بتسهيل من الله وشهادة أن كل ما تحصلت عليه من إعانات وجمع للمال كان ثلثيه من أصدقاء من غير أهالي تغزوت، كذالك الأمر بالنسبة إلى ما جمعته لفائدة جامع "سيدنا إبراهيم الخليل" حيث وصل المبلغ 17 مليون، وما جمعته إلى المسجد العتيق والذي تجاوز 20 مليون، وكما ذكرت للجماعة بان الكرامات ليست خاصة كما يعتقدونها لمشايخ الزوايا، إنما هي للعمل الخالص لوجه الله وللكلمة المخلصة والصادقة.