السّبحة
السُّبْحة: خرزات للتسبيح تعدُّ .وهي: ج سُبح وسبُحات خرزات منظومة في سلك إمّا للصّلاة والتسبيح وإمّا للتسلية. وهي أيضا المِسْبحة للصلاة والتسبيح أو للتسلية والتلهي ، لأن بعض الناس تعوّد أن يحمل بيده سبحة صغيرة يديرها بين أصابعه، أو يتسلّى بتمرير حبّاتها غير أنّ مجيء الكلمة على وزن مِفْعلة وهو اسم آلة كمطرقة مثلا يدلّ على الوظيفة التي تضطلع بها هذه الآلة وهي التسبيح.. جاء في كتاب الفتح الرباني:
واتخاذ السبحة لأنها تعين على ضبط العدد، ولا بأس أن يجعلها في عنقه ولكن يجعلها تحت الثياب لا فوقها تباعدا عن التظاهر .ومنها اتخاذ السبحة للإعانة على ضبط العدد لتواطؤ عمل الأولياء بها في ذكر الملك الصمد.
جاء في منية المريد قول ابن بابا الشنجيطي:
واتخذ السّبحة للإعانةِ وعمل الإمام ذي الدّيانةِ
و يتميز التجانيون باستعمال السبحة والاعتزاز بها نظرا للمهمّة التي تؤدّيها وهي ذكر الله تعالى وعبادته استجابة لقوله تعالى: (واذكروا الله كثيرا)، غير أن بعض من يدّعون الانتساب لهذه الطريقة جعلوا من السبحة علامة على انتمائهم لها ـ أي الطريقة ـ وشدة محبّتهم لشيخها، فبالغوا في تكبير حبّاتها، وتزيينها، وتقلدوها في المحافل والمناسبات التي يلتقي فيها الإخوان فأفقدوها أهميتها، وصاروا نشازا بين غيرهم من الخلان.
وقد سئل سيدي محمد الحافظ المصري أثناء زيارته لسوف عن حصر عدد الأذكار وعن اتخاذ السّبحة ؟ فقال : دليل الذكر في السبحة حديث أم سلمة التي دخل عليها النبي ووجد بين يديها نوى التمر تسبح به ومعلوم أنه لو كان ممنوعا لنهاها عن ذلك لعدم سكوته عن الحرام وهو المشرّع وهي لو لم ترد حصر العدد لما جعلت النوى بل تسبح من غير حصر ولا تشتغل أصابعها بذلك، ومن أصحابه من اتخذ الحصى بدل النّواة و لا عار على من اتخذ أصناف العود كما نحن عليه " وأدخل يده إلى جيبه وأخرج سبحة من كوك وقال :" كما اتخذت أنا هذه ، فلا فرق من جهة الطهارة بين النواة و الحصى والعود وما زدنا على الصّحابة إلا الخيط الجامع إن ظهر لكم تركه تركناه وهو من طريق الحكمة أحسن، وأما دليل حصر العدد فكما قدّمنا ولقوّة الحجّة أن حصر العدد في العبادات مأخوذ من قوله : أكلفوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا فقوله تطيقون هو الحصر بعينه لأن الإنسان لابدّ أن تنتهي طاقته و مقدرته إلى حدّ معلوم، ولهذا الحديث نظائر من غيره من الأحاديث كقوله : إذا أمرتكم بشيْ فا توا منه ما استطعتم فقدر الاستطاعة معلوم مضبوط فالزمن أو العدد كحصر وضبط الطاقة الإنسانية هذا هو دليل حصر العدد للأوراد...."
موقف الشيخ سيدي العيد:
أما الشيخ سيدي العيد رضي الله عنه، فموقفه من السبحة هو موقف أسلافه الميامين وخاصة والده المنعم الشيخ سيدي البشير الذي أكد في العديد من المناسبات على عدم اتخاذها شعارا وتقلدها في المناسبات العامة والخاصّة.
وعلى هذا النهج نفسه يسير الشيخ سيدي العيد اليوم إذ يحث الأحباب على أن لا يتخذوا من السبحة مظهرا من مظاهر الرياء أو التفريق بين الإخوان، أو سمة من سمات الانتماء للطريق (Etiquette) ـ على حد تعبيره ـ لأنها وسيلة للعبادة ويجب أن تبقى كذلك.
وإذا كان بعض المنتسبين للطريقة الذين جهلوا فقهها، ركبوا متن شهواتهم، وابتعدوا عن الشريعة ولم يلتزموا أوامرها، ويتجنبوا نواهيها، وجاهروا بعصيانها وهجر مبادئها، ثم علقوا في رقابهم سبحةً غلُظَت حبّاتها، وتدلّت على صدورهم (نواويرها)، واعتقدوا أنهم أكثر محبّة من غيرهم، وربّما رأوا أنهم الأفضل بشكلهم ذاك وغفلوا عن قوله صلى الله عليه وسلم أن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، وأن التقوى ما انطوت عليه القلوب وتجسّد في السلوك تواضعا للإخوان ومحبّة لهم
وعمل الإمام ذي الدّيانـــــةِ وعمل الإمام ذي الدّيانـــــةِ