فوائد الصوم الصحية
الإمام: الصادق تليلي الطالب دادي
للصوم من الفوائد الصحية الكثير بجانب فوائده الروحية والنفسية والأخلاقية ، فقد ثبت نفعه في مجال المحافظة على صحة البدن ،حتى خصص غير المسلمين لأنفسهم أياما يصومون فيها ،ومنهم من يصوم مع المسلمين لاعتبار صحي . ولقد جاء في بعض الصحف الأمريكية أنه طرأ تحول في الطب عند الكثير من الأطباء ، فأخذوا يصفون الصوم للمصابين بفقر الدم .
(وفي الولايات المتحدة مستوصفات ومستشفيات ،يعالج فيها من يصف لهم الأطباء الصوم ، وتتفاوت مدة المعالجة بين أربعين يوما وخمسين يوما ، يكون فيها المريض تحت مراقبة الطبيب .
ولقد كان من نتيجة هذا الصوم جلاء بصر من يشكو ضعف بصره ، وشفاء المرضى بالبول السكري، واندمال قروح المعدة، وعودة القوة إلى الذين انحطت قواهم من جراء الإفراط في العمل .)
(ويعتبر الصوم علاجا لاضطرابات الأمعاء المزمنة ، ولزيادة الوزن ، وزيادة الضغط ، ولالتهاب الكلى والأمراض الجلدية ، إذ أن الامتناع عن الطعام والشراب مدة من الزمن ، يقلل من وجود الماء في الجسم ، وهذا بدوره ينعكس على وجود الماء في الجلد ،فتزداد مقاومته لتلك الأمراض ،وتزداد سرعة الشفاء. وفي الصيام راحة للمعدة من عناء العمل ليل نهار طوال العام .
وشهر رمضان في العام يعادل اليوم منه اثني عشر يوما ،وهذه الراحة من عناء العمل المستمر لازمة و ضرورية . ولقد وجدنا إحصائيا أن عدد مرضى النزلات المعوية بالذات ، ومرضى القولون ، يقلون في رمضان عن غيره من الشهور .كما أن فاعلية العقاقير تزيد في شهر رمضان عنها في الشهور الأخرى كذلك ، لأن المريض عادة يناقض علاجه الطبي فيأكل الممنوعات .
هذا ويحضرنا قول طبيب مسيحي في حكمة الصوم ، وهو الدكتور شخاشيرى :إعلم أن انتفاعك من الطعام القليل الذي تأكله في انتظام يزيد عن انتفاعك من الطعام الكثير الذي تأكله في غير انتظام ، ومن غير بطء في المواعيد.وحدد الدكتور شخاشيرى فوائد الصيام في عدة نواح هي :
1. علاج اضطرابات الهضم واضطرابات الأمعاء، وبالذات المزمنة
2. إقلال السكر في الدم والعمل على إخفائه من البول .
3. إنقاص الوزن
4. التهاب الكلى الحاد ، والمصحوب بتورم و ارتشاح ، يستفيد كثيرا من الصيام .
5. أمراض القلب المصحوبة بتورم في القدمين والساقين ، وتضخم في حجرات القلب .
6. التهاب المفاصل الروماتيزمية .
ويذكر الدكتور الظواهري من فوائد الصوم الصحية الكثيرة ، فيقول : (إن في تنظيم وجبات الطعام وتعاطيها تنظيم لجهاز من أجهزة الجسم الرئيسية وهو الجهاز الهضمي ، ففي تنظيم المعدة والأمعاء للعمل والراحة في أوقات معينة إجراء صحي كبير ، يشد من أزر هذا الجهاز.
ومن حق أي كائن حي أن يعمل ثم يستريح ، وأن يكون عمله منظما كذلك ، والامتناع عن الطعام والشراب فترة ما في الصوم إخلاء لهذا الجهاز مما يحويه من الفضلات التي كثيرا ما تكون ضارة بالجسم . والميكروبات التي تجدها في الجهاز الهضمي تجد في الفضلات بؤرة هامة لنموها ونشاطها
وعندما تقل الفضلات في الجهاز الهضمي، لا تجد هذه الميكروبات فرصة للمعيشة، لأن مورد غذائها قد قل أو منع .
وبذلك تقل تلك البؤرة العفنة بضررها وسمومها ، وفي غيابها غياب للأمراض التي تسببها تلك البؤرة.وأيضا في الإقلال من الطعام أو الشراب إقلال إلى حد ما من السوائل بالجسم . وبذلك تقل البؤريات ، وتستريح الدورة الدموية ، وخاصة عند ذوي الضغط المرتفع , هذا قليل من كثير من الناحية العامة والباطنية.
أما فوائد الصوم للجلد ، والأمراض الجلدية ، فهي كثيرة ومتنوعة .
فالإقلال من الدهون التي تفرزها الغدة الدهنية يعظم ويقل نشاط تلك الغدد ، فتتحسن حالة الجلد الدهنية ، ومن ثم تتحسن التهاباته الدهنية ، والتهاب المثنيات عند أصحاب تلك البشرة ، وتخف وطأة حب الشباب ومضاعفاته وأيضا بقاءه , وأيضا تذهب الدمامل المتعددة التي تظهر على البشرة الدهنية, وكذلك الوريدية التي تصيب وجوه السيدات في منتصف أعمارهن وتسبب لهن المضايقات من احتقان وبثور .
والإقلال أو الامتناع عن بعض الأغذية التي فيها موارد خاصة مثل البروتينات ( الزلاليات ) كما في الجبن واللحوم والبيض والسمك ، يزيد من ظهور أمراض الحساسية الحكة الجلدية والارتيكاريا وأيضا الهرش في أمراض كثيرة مثل الأكازيما . ومن المواد التي قد تسبب زيادة في الحكة أيضا : الفراولة والمانجو والمشمش والشمام والشكولاتة والكاكاو. وغيرها كثير. وفي شهر الصوم فرصة للامتناع عن أكلها .
والإقلال من الملح في الطعام والشراب يقلل من فرصة تواجد السوائل والمياه بالأنسجة ، وبذلك تقل فرصة ظهور الالتهابات الجلدية الحادة والمنتشرة، وأيضا الميكروبية ،وهذه تجد في التورمات والسوائل فرصة سانحة للتكاثر وإحداث المرض .هذا كله صحيح ويجعل من الصوم الحقيقي فرصة للشفاء والعافية، كما يقول الدكتور الظواهري :
( كذلك يفيد الصوم في علاج بعض الأمراض النفسية والعصبية التي ينتج عنها بعض الأمراض الجلدية . فالصوم وترك الصغائر والاتجاه إلى الله يقلل الأمور التي تشغل البال ، فيؤدي هذاإلى الراحة النفسية ، وهذا يؤدي إلى المساعدة في علاج هذه الأمراض الجلدية التي تلعب الأعصاب فيها دورا هاما ، مثل البهاق والثعلبة وغيرها )
هذا وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالصيام طلبا للصحة فقال : (صوموا تصحوا )إذ أن الكثير من الأمراض من كثرة الأكل والشرب ، وحصول فضلات الأخلاط في المعدة والعروق . ولذا جاء في الأثر : ( البطنة أصل الداء والحمية أصل الدواء ).
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب الصوم من طريق وهب بن منبه قال : (أجمعت الأطباء على أن رأس الطب الحمية , وأجمعت الحكماء على أن رأس الحكمة الصمت .. فالصوم يذهب الرواسب العصبية ، والفضلات المعدية ، والأخلاط المعوية ، وهو يطيل العمر، ويقوي الجسد ، ويريح الآلات الجسمية من عناء أعمالها في عامها ، إذ كل آلة لابد لها من راحة ، فالصوم في العام راحة لآلات الجسد . وهذا معنى الحديث : (لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الجوع )، أي أنه مطهرة للجسد وعون له على البقاء
ومن فوائد الصوم في الصحة النفسية :
أنه يصفي القريحة ، ويوقد الفكر ، وينفذ البصيرة ، وينير النفس البشرية ، ليلقي الفيوضات القدسية والإشرافات الربانية.
ولهذا المعنى اللطيف كره العارفون أن يفسد الصائم في ليله ما استفاده في نهاره، يشبع في الليل فيضيع ما انتفع به من جوع النهار، إذ الشبع يورث البلادة ، ويعمى القلب ، ويكثر البخار في الدماغ، حيث يحتوي على القوة المفكرة ، فيثقل العقل عن الجريان في الأفكار، وسرعة الإدراك ، بل جرب ذلك في الصبيان إذا أكثروا الأكل قل حفظهم وبطأ فهمهم )ويؤكد الدكتور عبد العزيز سليمان فوائد الصوم الصحية فيقول : ( الصيام يستعمل طبيا في حالات كثيرة ، ووقائيا في حالات أكثر ، وإن كثيرا من الأوامر الدينية لم تظهر حكمتها بعد ، وستظهر حكمتها مع تقدم العلوم ، ولقد ظهر أن الصيام يفيد طبيا في حالات كثيرة ، وهو العلاج الوحيد في حالات أخرى ، فيستعمل في علاج اضطرابات الأمعاء المزمنة ، والمصحوبة بتخمر ، ويستعمل في زيادة الوزن الناشئة من كثرة الغذاء ، وكذلك في زيادة الضغط .
أما في البول السكري فلما كان قبل ظهوره ، يكون مصحوبا غالبا بزيادة في الوزن فالصوم بذلك يكون علاجا نافعا ، ولا يزال الصيام مع بعض ملاحظات في الغذاء أهم علاج لهذا المرض . والصوم يعتبر علاجا لالتهاب الكلى الحاد المزمن ، وأمراض القلب . والصيام مدة شهر في السنة يعتبر خير وقاية من كل هذه الأمراض )
ويقول الدكتور فائق الجوهري في كتاب (الصوم والنفس ) :
(إن الصوم من وجهة النظر الصحية وسيلة لتطهير الجسم مما يحتمل أن يكون به من زيادة في السموم الضارة ، أو غذاء لا لزوم له ، ونحن نجده في الموسوعات الصحية
تحت باب العلاج بالغذاء )