فضل رمضان والحكمة من صيامه
إسماعيل دحه
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسم تسليما
الحمد لله الذي أعظم على عباده المنة، بما دفع عنهم كيد الشيطان وفنه، ورد أمله وخيب ظنه، إذ جعل الصوم حصنا لأوليائه وجنة، وفتح لهم به أبواب الجنة، وعرفهم أن وسيلة الشيطان إلى قلوبهم الشهوات المستكنة، وإن بقمعها تصحيح النفوس ظاهرة الشوكة في قصم خصمها قوية المنة والصلاة على سيدنا محمد قائد الخلق ومهد السنة وعلى آله وأصحابه ذوي الأبصار الثاقبة والعقول المرجحة وسلم تسليما كثيرا. أما بعد :
فإن الصوم نصف الإيمان لقوله الصوم نصف الإيمان ثم هو متميز بخاصية النسبة إلى الله تعالى من بين سائر لأركان . إذ قال الله تعالى فيما حكاه عنه نبيّه كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به .
والصوم نصف الصبر فق تجاوز ثوابه قانون التقدير والحساب، وناهيك في معرفة فضل قوله: والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. يقول الله عز وجل إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه لأجلي فالصوم لي وأنا أجزي به وقوله : للجنة باب يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون وهو موعود بلقاء الله تعالى في جزء صومه.
وقوله : للصائم فرحتان فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه وقوله : لكل شيء باب وباب العبادة الصوم .
وروى أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ونادى مناد: يا ياغي الخير هلم ويا باغي الشر أقصر.
تعريف الصوم :
الصوم لغة: هو الكف والإمساك عن الشيء.
واصطلاحا: هو الكف عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية الصوم تقربا إلى الله تعالى.
ثبوت شهر رمضان :
يثبت شهر رمضان بأحد أمرين هما:
1. رؤية الهلال بشهادة عدلين .
2. وبإكمال شعبان ثلاثين يوما لقوله : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما .
حكم الصوم:
صوم رمضان فريضة على كل مسلم ومسلمة، لقوله تعالى فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وقد فرض الصوم يوم الاثنين في الثاني من شعبان من السنة الثانية للهجرة النبوية.
أهمية الصوم:
للصوم أهمية عظيمة في الإسلام فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي قال له: ألا أدلك على أبواب الخير؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
شروط الصوم:
للصوم جملة من الشروط وهي: الإسلام، البلوغ، العقل، القدرة على الصوم، طهارة المرأة من دم الحيض والنفاس والإقامة، دخول شهر رمضان.
أركان الصوم:
1. النية: وتكون قبل الفجر ولا يشترط التلفظ به.
2. الإمساك: أي الامتناع عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، و المفطرات هي الأكل والشرب والجماع .
مستحبات الصوم:يستحب للصائم ما يلي:
1. أن يجتنب ما حرم الله تعالى ونهى عنه، إذ ليس للصائم ترك الشهوات فحسب، بل بغض البصر، وحسن الخلق وحفظ اللسان من الكذب والفواحش والشتم و الغيبة.
2. الإكثار من قراءة القرآن والذكر والصلاة على النبي .
3. الإكثار من الصدقة والإحسان للأقارب والجيران .
4. الاجتهاد في العبادة والمحافظة على الصلوات في أوقاتها مع الجماعة.
5. الاجتهاد أكثر في العشرة الأواخر لإدراك ليلة القدر وفضلها .
مبطلات الصوم: يبطل الصوم بأمور كثيرة نذكر منها:
1. الجماع لشخص مطيق وان كان ميتا أو بهيمة.
2. إخراج المني أو المذي بمقدمات الجماع ولو نظرا أو تفكرا.
3. خروج القيء وازدراد شيء منه .
4. وصول مائع من شراب أو دهن للحلق.
5. وصول غالب مضمضة أو سواك للحلق إذا كان الصوم فرضا.
ما يباح للصائم:
1. يباح له الحقنة بجميع أنواعها ما عدا الغذائية منها.
2. بخاخة الهواء لمرض الربو.
3. استعمال العطر والطيب ونحوه.
4. يباح له الاكتحال و الادهان شرط أن لا يصل إلى الحلق.
5. المضمضة بالماء والانغماس فيه .
مبيحات الفطر مع وجوب القضاء أو الفدية:
السفر، الحمل، شدة الجوع والعطش، الرضا ع، الإرهاق، الهرم، المرض الشديد.
بعض الآثار التربوية لعبادة الصوم:
1. الصيام تربية علمية وعمل بعيدي خالص وتربية النفس على تقوية الإرادة والصبر والالتزام بمحاسن الأخلاق.
2. يعرف المرء بنعم الله التي قد يغفل عليها فعندما يذوق ألم الجوع والعطش يتذكرها ويشكره على ذلك.
3. يعين على فعل الخيرات كالصدقة وتذكر الفقراء والمساكين.
4. صحة الأبدان وتقوية النفس لقوله : صوموا تصحوا.
أهمية الصوم:
وتبرز في كونه كف وترك وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد كالطاعات و العبادات الأخرى، حيث لا يراه إلا الله عز وجل، كما أنه قهر لعدو الله عز وجل، فإن وسيلة الشيطان لعنه الله الشهوات التي تقوى بالأكل والشرب لقوله : إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع .
أسرار الصوم:
وتبرز في :
1. غض البصر وكفه عن النظر إلى كل ما يذم ويكره وعلى ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل لقوله : النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله فمن تركها خوفا من الله أتاه الله عز وجل إيمانا يجد حلاوته في قلبه. وروى جابر ع أنس عن رسول الله أنه قال: خمس يفطرن الصائم: الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة.
2. حفظ اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفحش و الجفاء والخصومة وملازمة الصمت والاشتغال بذكر الله وتلاوة القرآن الكريم.
3. كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرّم الإصغاء إليه ولذلك سوّى الله تعالى بين المستمع وأكل السحت لقوله تعالى سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ .
4. أن يكون قلب الصائم بعد الإفطار معلقا مضطربا بين الخوف والرجاء إذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين أو يرد فهو من الممقوتين.
المراجع المعتمدة:
1. كتاب إحياء علوم الدين لإمام أبي حامد الغزالي ج1
2. الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية – لمحمد العربي القروي .
3. المفيد في التربية الإسلامية للسنة الثانية من التعليم المتوسط .